أخر الاخبار

أنا محمد وأنت ما اسمك ؟

أنا محمد وأنت ما اسمك ؟!
أنا محمد وأنت ما اسمك ؟!

لم يكن هناك أعظم وأرفع وأرقى واطهر وأسمى من النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كان صاحب أشرف وأسمى مهمة خاصة فى التاريخ. لم يكن هناك أعظم من نبي الأمة وخاتم المرسلين، كي نبدأ به سلسلة مقالاتنا التى تندرج تحت قسم "عظماء فى مهمة خاصة"، وهي سلسلة لانهائية من المقالات التي نتعرض فيها لما لم ينشر من قبل عن عظماء التاريخ، الذين أثروا الحياة فى شتى المجالات، ومختلف الإتجاهات سواءً فى الدين، أو الفكر، أو الأدب، أو السياسة، أو العلوم الطبيعية، أو الطب، أو الفنون، أو الإقتصاد، أو الهندسة والمعمار، أو غيرها من شتى فروع المعرفة.

لم يكن هناك أشرف أو أطهر من نبي الأمة، سيدنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، كي نستهل به أولى مقالاتنا في هذا القسم. وسوف نتناول في سيرته الطاهرة، حدث بسيط وقع على هامش سيرته التى نعلمها جميعآ نحن المسلمون فى شتى ربوع المعمورة. فلست هنا ناقلآ، ولا ناسخآ لوقائع أو أمور يعلمها الكافة، بقدر ما أجاهد قدر إستطاعتى، كي أبلور لكم فكرة، وأحلل لكم حدث، وأستخلص لكم منه قيمة. فربما تكون منهاجآ لنا، ومصباحاً ينير أمامنا عتمة هذا الدرب السحيق من دروب الدنيا، ودروب هذا الزمن العضوض، كما وصفه الإمام علي بن أبى طالب، أبا الحسن والحسين رضي الله عنه وعنهما جميعآ.

حوار بسيط للغاية، دار بين النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وبين صبى لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، حوار لم يستغرق سوى دقائق معدودة. ولكننى أراه حواراً تاريخياً، بكل ما يحمل هذا الوصف من معنى. حوار كرس لنا التواضع فى أسمى صورة، وقنن لنا فنون التعامل مع الأخرين، وغيرها من النتائج، التى سوف نستخلصها سويآ بعد تحليل هذا الحوار وتفنيده.

النبى محمد والغلام والعنب

أنا محمد وأنت ما اسمك ؟!
أنا محمد وأنت ما اسمك ؟!

جميعنا نعرف جيداً ماحدث للنبى محمد صلى الله عليه وسلم فى الطائف، وما تعرض له من بأس ومن إهانة. بل ومن ضرب بالحجارة حتى سالت دماءة الشريفة على الأرض، فلجأ إلى الإختباء فى مزرعة فواكه ممتلئة بأشجار العنب. حيث شاهده صبى صغير لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، فشعر بالشفقة تجاهه، وقد شاهد الدماء تسيل من جبهته الشريفة ومن قدمه.

التقط الصبي عنقود من العنب، ووضعه فى صحن وهرول مسرعاً، إلى هذا الرجل المختبئ خلف أشجار العنب. ذهب إليه الغلام بالعنب، ومنحه إياه وقال له " تفضل"، فنظر إليه النبى صلى الله عليه وسلم نظرة ثاقبة، مبتسمآ غير مباليآ بما ألم به. فهو يركز جيدآ مع هذا الصبي، حنون القلب، الذي كان الشخص الوحيد الذي أحن عليه فى هذا الوقت العصيب الذى كان يمر به نبى الأمة صلى الله عليه وسلم.

لم يكن الغلام يعلم أنه يقف أمام خاتم المرسلين، نبى الأمة أطهر البشر، ومحبوب رب العالمين. لم يتوقع الغلام، ولم يخطر على باله قط، أنه سوف يتحدث مع من إنشق له القمر، وتحدثت معه الحصى. وهرول السحاب على رأسه كي يحميه من حرارة الشمس.

لم يكن الصبى يخطر على باله قط أنه يقف أمام الرجل الأسمى، الذي أثنى عليه رب العزة، وعلى أخلاقه الرفيعة، فقال له من فوق سبع سماوات "وإنك لعلى خلق عظيم". لم يتوقع هذا الغلام حتى فى أحلامه أنه سوف يتحدث، وسوف يقف أمام الرجل الأوحد الذي كان قاب قوسين أو أدنى من عرش الرحمن، ومن سدرة المنتهى، التى عندها جنة المأوى، والتى يغشى السدرة ما يغشى.

نعم، لم يكن هذا الصبي يتوقع كل ذلك، ولكنها إرادة الله الذي جعل هذا الغلام الصغير يدخل التاريخ من أوسع أبوابه، ويدور الحوار بين الغلام وبين سيد البشر، وخاتم المرسلين النبى محمد صلى الله عليه وسلم.

النبى وعداس وما كان قابعاً خلف الكواليس

أنا محمد وأنت ما اسمك ؟!
أنا محمد وأنت ما اسمك ؟!

كانت اليد اليمنى الشريفة للنبى محمد صلى الله عليه وسلم، تمتد لتأخذ صحن العنب، وعيناه الشريفة تحملق بكل دقة فى وجه الصبى الصغير. يلتقط النبى صلى الله عليه وسلم بعض حبيبات العنب، ولم يكد يضعها فى فمه الشريف، حتى قال "بسم الله الرحمن الرحيم"، وكانت عيناه مازالت ثابتة في ملامح الغلام الصغير.

إندهش الغلام من البسملة، وهى الجملة التي استهل بها النبي صلى الله عليه وسلم طعامه، فقال للنبى صلى الله عليه وسلم "إن هذا الكلام لا يقال عندنا ما معنى ماقلت يارجل"، فتضاعفت إبتسامة النبى صلى الله عليه وسلم، وسأل الغلام وقال له "ما إسمك"، فرد الغلام قائلاً "أنا عداس"، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم فى حنان أبوي بالغ "وما هي ديانتك ياعداس". فقال له الغلام "أنا قبطي"، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم بنفس الحنان الأبوي، واللطف الفطري الذى هو جزء أصيل من شخصيته صلى الله عليه وسلم، وقال له "ومن أي البلاد أنت ياعداس؟.

فقال له الصبي "أنا من قرية نوى" فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مندهشاً" أنت من نوى. أنت من قرية أخ عزيز أعرفه جيداً". فسأله الغلام، وقد إندهش هو الأخر، وقال له "من الذي تعرفه هناك فى قريتي يارجل؟. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "إنك من قرية أخي يونس بن متى عليه السلام". في هذه اللحظة تكهرب الجو، وارتعد جسد الغلام، وبدء الحوار يأخذ منحنى أخر تماماً.

بكاء عداس وإسلامه وتقبيله ليد رسول الله صلى الله عليه وسلم

أنا محمد وأنت ما اسمك ؟!
أنا محمد وأنت ما اسمك ؟!

تلعثم الصبى الصغير، وشعر بالخوف الشديد والدهشة والحيرة، فلا أحد يعلم أن هذه القرية هي قرية نبي الله يونس عليه السلام سوى أهالى هذه القرية فقط، وخاصة العجائز والجدود وكبار السن، وبعض الغلمان والصبية المهتمين بتاريخ بلدتهم وأحداثها ورموزها.

وكان عداس أحد هؤلاء الصبية، لذا كان الصبي عداس فى حيرة وخوف شديد، وهو يفكر بينه وبين نفسه، ويتساءل في نفسه "كيف لهذا الرجل البسيط المسكين، الذى تنسال الدماء من جبهته ومن قدمه، أن يعرف أدق تفاصيل قريتى؟. كيف له أن يعرف إسم النبي يونس، بل ويذكر أباه ويقول "يونس بن متى". وليس هذا فحسب، بل أنه يقول أنه يعرفه جيدآ. وليس هذا فقط، بل أنه يقول أنه أخ عزيز؟ كيف؟. كيف، وقد مات يونس من مئات السنين ؟.

وقف الصبى مرتعداً خائفاً مندهشاً أمام النبى صلى الله عليه وسلم، فهو لم يكن يعرف حتى هذه اللحظة، أنه يقف أمام سيد الأمة والمرسلين النبي محمد صلى الله عليه وسلم. بدأ الصبي يستجمع قواه، ويستجمع الحروف والمعانى، وقال للنبى صلى الله عليه وسلم متسائلاً "من الذي أدراك أن قريتي نوى، هي القرية التي ولد فيها وعاش فيها يونس بن متى" كيف عرفت؟ كيف؟.

فنظر إليه النبى صلى الله عليه وسلم بنفس اللطف والحنان الأبوى البالغ، وقال له في تواضع جم معظماً من يونس مقللاً من ذاته الشريفة. حيث قال للغلام "لقد كان يونس نبي من أنبياء الله وأنا مثله نبي". هنا بكى الغلام بكاءً شديداً، وارتجف قلبه، وخارت قواه، وهوى بجسده على يد النبى صلى الله عليه وسلم يقبلها.

فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يضم الغلام بين ذراعيه الشريفة، ويحتضنه فى أبوة وحنان بالغ. وإذا بالصبي الصغير يسأله باكياً "كيف لي أن أكن من أتباعك يارسول الله؟" فابتسم النبي وقال له "لاشيء تفعله ياعداس، سوى أن تشهد من قلبك وتقول لا إله إلا الله، وأنني محمد رسول الله".

على الفور ينطق عداس بالشهادة ويردد باكيآ "لا إله إلا الله محمدآ رسول الله"، وظل الغلام يردد الشهادتين وهو يبكي، وينظر للنبي صلى الله عليه وسلم نظرات فاحصة، ثم يقول له فى إشتياق "وكيف لي أن أراك ثانية يارسول الله؟". فابتسم النبي وقال سيكون لقاءنا فى الجنة باذن الله، ولم يقف الأمر عند هذا الحد ولكن مازال للحديث بقية.


Muhammed Kasim
بواسطة : Muhammed Kasim
Arabic blogger and YouTuber, expert in the field of technology and search engine optimization.facebook linkedin instagram twitter
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-