محفظ أنهى حياته بعد أن قام بإمامة المسلمين فى صلاة الفجر
غريب جدآ ما فعله الشيخ اسماعيل, غريب وعجيب أن ينهى حياته بهذا الشكل, وهو الشيخ والإمام الحافظ والمحفظ لكتاب الله, الشيخ اسماعيل الخطيب الذى تم العثورعلى جسده متدلى من مروحة سقف كتاب القرية, هو فحوى مقالنا اليوم, الشيخ اسماعيل ذو الثلاثون عامآ المعروف بأخلاقه وورعه وتدينه وتحفيظه لكتاب الله, ما الذى دفعه أن يفعل ذلك بنفسه, كيف وصل لهذه الدرجة التى دفعته أن يتخلص من نفسه بهذا الشكل, وما سر الرسالة التى تركها, والوصية التى كتبها, اسئلة عديدة وتفصيلات غريبة تستحق منا العرض والتحليل.
الشيخ _ لماذا تخلص محفظ القرأن من حياته بعد الفجر. |
استيقظت محافظة سوهاج ومركز العسيرات تحديدآ على هذه الفاجعة الكبرى, تلك الفاجعة والحادث الغريب العجيب الذى وقعت أحداثه فى قرية الرشايدة, إحدى القرى الشهيرة الكائنة بمركز العسيرات بمحافظة سوهاج, ليتحول الحادث من حيز محافظة سوهاج إلى كل محافظات مصر, ويتحدث الجميع عن هذا الشاب الذى تخلص من حياته بعد أن قام بتأدية صلاة الفجر, نعم, فقد أدى فريضة الفجر مع أهالى قريته وأصدقائه بمسجد الخطيب , ذلك المسجد الشهير الكائن بقرية الرشايدة, وبعد أداء صلاة الفجر بحوالى نصف ساعة, وفى شروق شمس اليوم التالى مباشرة كانت المفاجآة التى لم تخطر على بال الجميع, فماذا حدث.
السبب وراء الحادث وتقرير الطب الشرعى
السبب وراء الحادث وتقرير الطب الشرعى. |
رغم أنه حتى هذه اللحظة لا يوجد سبب واضح أو صريح للفعل الذى أقدم عليه الشيخ إسماعيل الخطيب, ورغم أن الرسالة التى تركها لم يرد فيها سبب واضح أو صريح دفعه أن يزهق روحه بهذا الشكل القاسى, إلا أن التصريحات الأخيرة لعمه الحاج عبدالفتاح, والتى أكد فيها أن المرحوم كان يعانى من مشاكل نفسية وعائلية بسبب زواجه القريب, وخروجه من منزل عمه وهو فى حالة نفسية سيئة مهددآ أسرته وعائلته بأنه سوف يتخلص من حياته, ربما هذه التصريحات التى صرح بها عمه منذ ساعات قليلة ماضية سبقت نشر هذا المقال, تؤكد لنا أن السبب وراء الحادث, هى المعاناه النفسية والإحباط الذى كان يمر به هذا الشاب الثلاثينى إسماعيل الخطيب.
إنتقل رجال البحث الجنائى ورئيس مباحث مركز شرطة العسيرات إلى مكان الواقعة, حيث تم العثور على جسد الشيخ إسماعيل داخل غرفته متدلى من مروحة السقف, وانتقل فريق من النيابة العامة ورجال المعمل الجنائى والطب الشرعى, وباشرت النيابة العامة التحقيق فى الواقعة, وأمرت بسرعة ورود التقرير الطبى النهائى من مصلحة الطب الشرعى للوقوف على الأسباب الحقيقية للوفاه, وبالفعل جاء تقرير الطب الشرعي يفيد بأن السبب فى الوفاه هى إسفكسيا الخنق التى أدت إلى هبوبط حاد فى الدورة الدموية.
كما أمرت النيابة العامة بسرعة ورود تحريات إدارة البحث الجنائى بمديرية أمن سوهاج, وجاءت التحريات تؤكد أن الواقعة ليست بها أى شبهة جنائية على الإطلاق, وقد أكد كل ذلك الرسالة التى تركها الشيخ اسماعيل قبل وفاته, والتى أكد فيها أنه قد عزم النية واتخذ القرار بأن يتخلص من حياته, وغيرها من النفاصيل الأخرى التى أوصى بها إسماعيل فى هذه الرسالة, والتى سوف نتعرض لها فى السطور القليلة القادمة, لنكون أمام واقعة غريبة للغاية, فرغم أن هناك حالات عديدة جدآ لوقوع مثل هذه الحوادث, كما تشير الإحصائيات إلى إرتفاع نسبة وقوعها بشكل ملاحظ, ولكن سبب إندهاشنا هو أن الذى يرتكب هذه الواقعة هو شاب متدين, خريج جامعة الأزهر, حافظآ وملمآ بكتاب الله تعالى, بل أنه محفظ له وبارع فيه بشهادة كل طلابه ومريديه, فكيف له أن يفعل ذلك.
أهم الأسباب المؤدية إلى عدم الرغبة فى الحياه
لعل هذا الحادث يثير لنا التطرق للتعرف على أهم الأسباب والعوامل التى قد تدفع البعض إلى اتخاذر قرار بعدم الرغبة فى الحياة, ورغم أن هذا الموضوع شائك, ويحتاج منا إلى مقالات عديدة, إلا قرار الشخص بإنهاء حياته وإزهاق روحه يمكن أن يكون نتيجة لعدة عوامل مختلفة ومعقدة, من بين الأسباب الشائعة التي قد تؤدى إلى عدم الرغبة فى مواصلة الحياة واتخاذ مثل هذه القرارات الغير محسوبة هو ما يلى:
- الإكتئاب والأمراض النفسية:يعتبر الاكتئاب واحداً من أبرز العوامل التي قد تدفع الأشخاص إلى عدم الرغبة فى الحياه, الاكتئاب قد يؤدي إلى انخفاض مستويات الرغبة في الحياة وزيادة الشعور باليأس والعزلة.
- الضغوط النفسية والاجتماعية: قد يشعر الأشخاص بالضغوط النفسية الشديدة نتيجة للمشاكل العائلية، أو العلاقات الشخصية السيئة، أو ضغوط العمل، أو الصعوبات المالية، مما يؤدي إلى فقدان الأمل والرغبة في الحياة.
- الكحول وسوء الاستخدام: قد يكون الكحول عاملًا مساهمًا في أن يقوم الشخص بالتخلص من حياته، حيث يمكن أن يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية والاجتماعية وزيادة الشعور باليأس.
- الأمراض الجسدية الخطيرة: يمكن أن يشعر الأشخاص الذين يعانون من أمراض جسدية خطيرة باليأس واليأس من مستقبلهم، مما قد يدفعهم إلى التفكير في إنهاء حياتهم.
- التعرض للإساءة الجسدية أو العاطفية: يمكن أن يؤدي التعرض للعنف الجسدي أو العاطفي إلى تدني مستويات الثقة بالنفس والشعور باليأس، مما يزيد من احتمالية التخلص من الحياه.
- المرض العقلي أو العوارض النفسية الحادة: قد يعاني الأشخاص من مشاكل صحية عقلية أو تغيرات مفاجئة في الحالة النفسية، مثل الانفصال العاطفي أو الهوس، مما يمكن أن يزيد من خطر التخلص من الحياه بشكل عام.
هذه بعض الأسباب الشائعة التي قد تؤدي إلى اتخاذ قرار الشخص بعدم الرغبة فى الحياه وإنهاء حياته, ومن الأهمية بمكان تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والطبي للأشخاص الذين يعانون من الأمور المذكورة أعلاه، للمساعدة في منع وقوع مثل هذه الحوادث الفردية الخطيرة وتقديم العناية اللازمة لهم.
سيناريو الواقعة وتفاصيل الرسالة التى كتبها الشيخ
بدأت الواقعة مع حالة الإحباط الشديد التى كان يمر بها الشيخ اسماعيل بسبب قدومه على الزواج والمشاكل العائلية والأسرية التى لم يفصح عنها فى رسالته, ولم تفصح عائلته عن تفاصيلها أيضآ, خرج قبل صلاة الفجر بقليل كعادته دائمآ, وتوجه إلى المسجد الشهير القريب من منزله بقرية الرشايدة دائرة مركز شرطة العسيرات بمحافظة سوهاج, وقام برفع أذان الفجر كعادته دائمآ أيضآ, فهو مؤذن المسجد منذ فترة طويلة, وبعد إقامة الصلاة وأدائها عاد الشيخ الشاب إلى منزله وكان قد أعد وجهز كل شئ لإنهاء حياته ومقابلة الرفيق الأعلى.
وقبل أن يقوم الشيخ اسماعيل بتنفيذ قراره, كتب رسالة طويلة كانت عبارة عن وصيه لأسرته وكل محبيه, ربما أبرز ماجاء فى هذه الرسالة هو استنكاره التام لما فعله, ولكن يعترف بأنه لم يجد وسيلة أخرى سوى تنفيذ الواقعة, كما كان أبرز ما فى الرسالة هو حرصه على عدم ارتداء والدته للملابس السوداء, وأن لا تحزن بما فعله إبنها فى نفسه, كما جاء فى الرسالة وصيته بأن يتم الصلاة عليه فى إحدى مواقيت الصلاة المعروفة الخاصة بالفروض الخمسة, كما حبذ أن تكون صلاة الجنازة بعد صلاة التراويح, كما طلب من الجميع قراءة القرأن له والدعاء له والتصدق عليه.
وبعد أن كتب الرسالة قام باستخدم حبل كان قد أعده لذلك, وقام بربطه فى مروحة السقف الدائرية المثبتة فى سقف غرفته, لينهى حياته بهذا الشكل المخيف, ويتم اكتشاف الحادث فى الدقائق الأولى من اليوم التالى, ويتم إبلاغ الجهات المعنية, لتستيقظ قرية الرشايدة ومركز العسيرات ومحافظة سوهاج بالكامل على هذا الخبر المفجع, ويبكى طلاب الشيخ اسماعيل عليه بكاء مرير, خاصة أن الجميع كان يشهد له بالخلق القويم, والتدين, والورع, والسيرة الطيبة, وخفة الظل, والود والإبتسامة التى لم تغادر ملامحه.
وفى النهاية فإن ما فعله الشيخ اسماعيل الخطيب فى نفسه, هو أمر مرفوض تمامآ من وجهة نظرنا الشخصية, ولا نحبذه ولا نؤيده ونرفضه رفض قاطع ونهائى, فمهما كانت الهموم أو الأحزان أو الأوجاع أو الإبتلاءات, فلا يمكن أن يكون ذلك دافع بأن يرتكب البنى أدم مثل هذا الفعل فى حقه وفى حق نفسه, فهو أمر يخالف الشرع والدين والقانون, لذا كان إندهاشى الكامل من هذا الشاب الثلاثينى, هذا الشاب الذى من المفترض فيه أنه يعلم من الدين ومن الفقه ما يجعله لا يقدم على مثل هذه الفعل اطلاقآ, هذا الشاب خريج الأزهر وحافظ كتاب الله تعالى ومحفظه, وهو الأمر الذى يستدعى من الجميع وقفة طويلة وتأمل وتحليل لهذه الواقعه.