📁 آخر الأخبار

مصرف الرهاوى _ المصرف االعملاق الذى يقضى على المصريين

مصرف الرهاوى العملاق الذى يقضى على المصريين يوميآ

مصرف الرهاوى قضية بيئية تهدد الصحة العامة للمصريين, مصرف الرهاوى الذى يقع فى أخر حدود محافظة الجيزة والتابع لقرية الرهاوى , إحدى ضواحى الجيزة الشهيرة, يعتبر وبحق أحد أهم العوامل الرئيسية إن لم يكن العامل الأساسى والرئيسى فى إنتشار العديد من الأوبئة والأمراض الفتاكة التى يعانى منها معظم الشعب المصرى.

مصرف الرهاوى
الرهاوى المصرف العملاق الذى يقضى على المصريين.
تلك الأمراض التى أدت إلى القضاء على شرائح كبيرة من المجتمع, حكاية مصرف الرهاوى لا يتسع لها مقالة واحدة ولا موضوع واحد, فالأمر عن جد خطير جدآ ومتشعب وتفاصيله أكثر من اللازم, لكن دعونا نبدء لكم الحكاية من البداية, منذ أن أخبرنى فريق الإعداد المعاون لى بالقصة كاملة,  ومنذ أن قررت أن يكون لى مهمة خاصة مع هذا المصرف أو هذا المصرف العملاق الذى يهدد المصريين منذ عشرات السنين وحتى الأن .

الرهاوى شلالات من مياه الصرف تصب فى نهر النيل يوميآ

مصرف الرهاوى
الرهاوى شلالات من مياه الصرف تصب فى نهر النيل.
لم يكن الوصول إلى مصرف الرهاوى بالأمر السهل أو البسيط, فقد كان لزامآ علينا أن نستقل أكثر من مواصلة حتى نستطيع أن نسير فى الطرق الزراعية اوالممرات والمدقات الضيقة الغير مستوية, تركنا سيارة القناة على مسافة بعيدة جدآ, ثم قمنا بركوب توك توك اختصر لنا المسافة إلى حدآ ما, كنت أظن أن الأمر سوف ينتهى بمجرد وصول التوك توك ولكن أكتشفت أنه يجب علينا أن نسير على الأقدام حوالى كيلو ومائتين مترأ كى نصل إلى المصرف.

وبالطبع لم نفعل ذلك,  حيث كان عنصر الوقت مهم جدا قبل أن تغيب الشمس ويحل علينا المساء, أقترح زملائى أن أقوم بركوب دراجة بخارية,  ووافقت على الفور, بادر أحد سكان القرية من الفلاحين البسطاء أن يصطحبنى خلفه على دراجته البخارية,  وبالفعل ركبت خلفه على الموتوسيكل وبيدى مايك القناة, وأسرع زملائى بالكاميرات ورائنا حتى وصلنا إلى بداية المصرف.

 والشئ الغريب جدآ والملفت للنظر, أننى لاحظت أن الموتوسيكل كلما اجتاز واقترب من المكان, كنت أستنشق رائحة عفنة وغريبة جدآ, رائحة تشبه رائحة تحلل الأجسام البشرية أو الحيوانية, رائحة لا استطيع أن أصفها لكم من شدة بأسها, وعندما سألت الفلاح البسيط الذى كان يقود لى الدراجة البخارية, أخبرنى بأن هذه الرائحة هى رائحة المصرف

فلاح بسيط سقط مغشيآ عليه بمجرد رؤيتنا والسبب كان غريب 

مصرف الرهاوى
فلاح بسيط سقط مغشيآ عليه بمجرد رؤيتنا والسبب غريب.
بمجرد نزولى من الموتوسيكل واتجاهى إلى المصرف,  فوجئت بفلاح بسيط وقد انتابته حالة عصبية غريبة, سقط مغشيآ عليه فى مشهد غريب وغير متوقع,  فتوجهت له على الفور’ وعرفت من زوجته التى كانت برفقته أنه مصاب منذ سنوات بمرض فى الكلى  بسبب هذا المصرف, وأنه قد تقدم بالعديد من الشكاوى والإستغاثات إلى الأجهزة المسئولة ولكن دون جدوى, وأنه كان يشعر دومآ بأن هذا المصرف كان هو السبب الرئيسى فى تدهور صحته والقضاء على مصدر رزقه وعلى أسرته.

 كان هذا الفلاح البسيط يعتبر المصرف هو عدوه اللدود الذى قضى عليه بلا رحمة,  رغم أنه مازال فى مقتبل العمر, وقالت لى زوجته أنه عندما رأى عدسات الكاميرات سقط مغشيآ عليه غير مصدقآ أنه قد جاء اليوم للكشف عن أزمة هذا المصرف,  ومايسببه لسكان هذه القرية من ألام وإصابات وأمراض فتاكة يوميآ, لم يكن هذا الفلاح البسيط هو الحالة الأولى أو الأخيرة, ولكن كان هناك المئات بل الألاف من سكان قرية الرهاوى المصابون بأمراض عديدة,  بسبب هذا المصرف.

 أمراض عديدة هاجمت سكان الرهاوى, وهاجمت أبائهم وأجدادهم وأطفالهم وزوجاتهم منذ عشرات السنين, ومازالت تحصد العديد من أرواح سكان قريه الرهاوى حتى الأن, توجهت إلى هذا الفلاح البسيط وكنت حريص أن أناوله بعض رشفات المياة,  وأطمئنه باننا لن نترك صغيرة ولا كبيرة إلا وسوف نكشفها ونعرضها للرأى العام.

النزول لحافة المصرف 

مصرف الرهاوى
النزول إلى حافة المصرف.
تظن لأول وهلة أنك أمام شلالات أسوان, ولكن الأمر مختلف هنا فى قرية الرهاوى,  فأنت أمام شلالات من المياة الملوثة العفنة الممتلئة بالحيوانات النافقة والمواد الكيميائية الثقيلة  والأحماض الكبريتية,   وغيرها من شتى أنواع التلوث التى لا يتوقعها أحد, الرائحة غير طبيعية,  ولا يمكن أن يتوقعها أحد, والغريب أن سكان القرية حذرونى تحذيرات عديدة من الإقتراب من حافة المصرف, وأكدوا لى بأن المصرف حصد قبل ذلك العديد من الأرواح من مختلف الفئات, شباب وأطفال وسيدات وغيرهم, أخرهم كان وكيل نيابة من سكان القرية.

  كان وكيل النيابة فى زيارة لمسقط رأسه هنا فى قريه الرهاوى,  وتوجه إلى المصرف ونزل إلى حافه المصرف التى نوضحها لكم فى الصورة أعلاه, وما كان إلا وقد سحبه وجرفه التيار,  وقذف به فى المصرف, وفشلت كل محاولات إنقاذه, فلا أحد يستطيع النزول إلى المصرف أو مجرد الإقتراب من حافته, إن ما أسرده لكم , هى وقائع كل سكان القرية على علم تام بها, وقد سردوها لى بالتفصيل, وحذرونى من الإقتراب من حافة هذا المصرف,  ولكن فضولى الإعلامى ورغبتى الملحة فى أن أكشف للرأى العام خطورة هذا المصرف,  ومدى تهديده للشعب المصرى كله, هو الذى دفعنى للنزول إلى حافته.

توجهت ونزلت إلى حافة المصرف,  كى أوضح كل التفاصيل , وأكشف كل الحقائق وأنقل المشاهد نقلأ حيأ لمسرح الأحداث, مثلما أحاول هنا جاهدآ أن أنقل لكم أعزائى القراء الصورة كاملة,  دون مبالغة أو تهويل, كان التيار شديد, والرائحة الكريهة أشد بأسآ وضراوة, والجو العام كله كان موحش بشكل تقشعر له الأبدان,  تجولت على طول هذا المصرف وكنت أكاد أن أختنق من شدة هذه الرائحة العفنة التى تتخلل كل حواسك وجوارحك وليس الأنف فقط.

  مليار متر مكعب من مياه الصرف يصب يوميآ فى نهر النيل

مصرف الرهاوى
مليار متر مكعب من مياه الصرف يصب يوميآ فى نهر النيل.
كافة أوجه الصرف الصحى بمحافظة الجيزة تتجمع وتصب فى هذا المصرف العملاق, مياة الصرف بمختلف أنواعها والمجارى والبالوعات والرشاحات والنفايات الثقيلة والحيوانات النافقة والمخلفات ذات المواد الكيميائية الثقيلة,  وغيرها وغيرها من كافة أوجه وأنواع الصرف,  تتجمع وتنزلق وتصب فى هذا المصرف الكائن بأخر ضاحية من ضواحى الجيزة,  وهى قريه الرهاوى, قرية الرهاوى التى شاءت الظروف بحكم موقعها الجغرافى الملاصق لفرع النيل من أن تكون هى الفريسة والضحية التى يفترسها يوميآ هذا المصرف العملاق.

  هذا المصرف  يحتضن مع إشراقة شمس كل يوم جديد حوالى ما يزيد عن  مليار متر مكعب من المياة الملوثة,  نعم  مليار متر مكعب يتم اختلاطها يوميآ بمياه نهر النيل,  الذى هو شريان الحياة فى مصر, مليار متر مكعب هى عبارة عن مجموع وكمية مياة الصرف الخاصة بمحافظة الجيزة كلها,  التى يتم صبها مباشرة فى مصرف الرهاوى, لكم أن تتخيلوا هذا الكم الهائل من المياة الملوثة التى تختلط بمياة نهر النيل يوميآ, لكم أن تتوقعوا حجم النتائج السلبية التى تنتج عن ذلك.

 لكم أن تتوقعوا حجم الأمراض المزمنة المصاب بها سكان هذه القرية المسكينة وسكان مصر من مختلف المحافظات, ولعل قد يتبادر إلى الذهن الأن سؤال مهم وهو,  "ما علاقة محافظات مصر الأخرى بهذا المصرف",  بالطبع العلاقة وثيقة جدآ, فالضريبة الباهظة لا تدفعها فقط قرية الرهاوى,  بل معظم المحافظات الأخرى, نعم معظم المحافظات الأخرى تدفع نفس الضريبة الباهظة,  من الأمراض المزمنة والأوبئة وإنهيار الجهاز المناعى وغيرها من الأمراض  الأخرى,  التى ربما لا يتسع المقام هنا لسردها, وهو ما سوف نوضحه لكم  فى السطور القليلة. 

اكتشفنا مفاجآت بطول نهر النيل من الجيزة وحتى أشمون

مصرف الرهاوى
مفاجآت على طول نهر النيل من الجيزة وحتى أشمون.
لم أترك نفسى لسماع الكلام المرسل من هنا أو هناك, وقررت أن أخوض التجربة بنفسى كى أسمع وأرى بنفسى كل شئ على الطبيعة, وأنقل ذلك نقلآ حيآ للمشاهد وللمسئولين, فقررت أن أستقل معدية, نعم, قررت أن أركب معدية شراعية, كى أراقب بعينى مياه مصرف الرهاوى منذ اختلاطها بمياه نهر النيل عند هاويس قرية الرهاوى, قررت أن أشاهد بنفسى وأراقب خط سير هذه المياة الملوثه, وأين ينتهى مسارها تحديدآ, لتظهر أمامى العديد من المفاجأت التى لم تصدقها عينى, ولنطرح لكم بعضها الأن.

كانت أولى هذه المفاجأت هى ظهور الأعداد الهائلة للأسماك النافقة,  التى كانت تطفوا على سطح النهر, كانت تطفوا حول القارب الشراعى الذى كنا نستقله أنا وفريق عملى, كنا نسير بالقارب فى نهر النيل,  وكنا نشعر وكأننا نسير فى رشاح أو مصرف صحى, حيث اختلطت مياه مصرف الرهاوى بالنيل,  واستمرت مختلطة له وتسير معه وتتجاوز معه حدود المحافظات المصرية, فهذه محافظة الجيزة,  وقد خرجنا من حدودها الجغرافية, ثم هذه هى محافظة القاهرة, ثم خرجنا من حدودها الجغرافية,  لندخل فى نطاق محافظة المنوفية.

وعلى طول هذا المجرى المائى ومياه مصرف الرهاوى ملاصقة لنا,  ورائحتها الكريهة تفوح من كل مكان فى النيل, والأسماك النافقة تحيط بنا من كل مكان, كان المشهد حزين جدآ ومؤلم للغاية بكل ما تحمل الكلمة من معنى, وليت الأمرتوقف عند هذا الحد, ولكننا وبكل أسف كنا على موعد مع مفاجأة أخرى أشد ضراوة, مفاجأة  صادمة للشعب المصرى كله, وهو ما سوف نستعرضه معكم فى الفقرات التالية.

رى الأراض الزراعية بمياة مصرف الرهاوى

مصرف الرهاوى
رى الأراضى الزراعية بمياه مصرف الرهاوى.
كنا نسير بالقارب الشراعى حتى اقتربنا من حدود محافظة المنوفية, وبالتحديد من حدود مدينة أشمون,  فوجئت بعدد من الفلاحين وقد شاهدونا من أعلى المجرى المائى, فأسرعوا لنا من أعلى أراضيهم الزراعية,  ونزلوا لنا فى نشاط وشغف, اقتربنا منهم بالقارب, وقمت بعقد لقاء مع بعضهم, قالوا لى كلام هام للغاية,  وكشفوا عن العديد من المفاجأت.

 أكدوا لى أنهم يقومون برى أراضيهم الزراعية بمياة مصرف الرهاوى,  وأنهم مجبورين على ذلك, لأن نهر النيل,  وبالتحديد منذ بداية اختلاطه بمصرف الرهاوى عند هاويس محافظة الجيزة,  وقد تلوث تمامآ,  وطلبوا منى أن أصعد بنفسى معهم إلى أعلى المجرى المائى,  كى أشاهد مياة الصرف الصحى وهى تروى الأرض الزراعية المصرية.

 أصروا على طلبهم بأن أصعد معهم,  كى أنقل ذلك للمشاهدين والمسئولين, لعل يكون هنالك حل لهذه الأزمة البيئية  والصحية ,  التى تحصد كل يوم ألاف الأرواح من البشر, وصعدت بالفعل إلى أراضيهم, لأجد نفسى أمام مهزلة بكل المقاييس, مهزلة لا يتخيلها عقل ووقفت أمامها حائرآ ومندهشآ لأبعد حد.

طلمبات مياه رى الأراضى الزراعية تضخ مياه سوداء اللون

مصرف الرهاوى
طلمبات رى الأراضى الزراعية تضخ مياه سوداء اللون.
مصرف الرهاوى
مياه سوداء اللون تخرج من طلمبات رى الأراضى الزراعية.
كنت مذهولآ وأنا أرى المياة المندفعة من الطلمبة وقد تحول لونها للون الأسود الحالك, نعم وكما يظهر فى الصورة فإن لون المياة قد تحول إلى اللون الأسود من شدة التلوث, أكد لى الفلاحين أنهم يقومون برى الأرض بهذه المياه, كنت فى صدمة حقيقية وأنا أرى بعينى أشجار الموز والطماطم والبسلة والبامية والجوافة والفاصوليا وغيرها من الخضروات والفواكه الشهيرة التى لا يوجد بيت ولا فندق ولا محل ولا مطعم فى مصر إلا ويستخدمها يوميآ, كنت حائرآ جدا وأنا أرى بعينى كم هذه المياة الملوثة,  وهى تروى الأراضى الزراعيه.

 أكد لى الفلاحين أن كل هذه الخضروات والفواكه يتم تسويقها لكل مكان فى مصر,  سواء كان جملة مثل سوق العبور,  أو قطاعى,  للعديد والعديد من التجار والأسواق, بل أن الفنادق الكبرى الشهيرة,  تستخدم هذه المزروعات, والأدهى من ذلك أن معظمها يتم تصديره للخارج, هنا أيقنت  وتعرفت على السبب الحقيقى وراء إنتشار العديد من الأمراض المستعصية,   هنا علمت أن الأمر لم يكن فقط يخص قرية الرهاوى التى يتجمع فيها هذا المصرف الشاسع العملاق.

 ولكن الأمر يخص شعب مصر كله, ويبقى السؤال المهم, هل سيظل هذا المصرف العملاق  يهدد حياة المصريين, هل سيظل مصرف الرهاوى الذى يقضى على المصريين منذ عشرات السنين حرآ طليقآ بلا رقابة أو حل جذرى له, الأمر خطير جدا,  لقد عرضته تليفزيونيا للشعب المصرى كله منذ سنوات عديدة مضت,  بشكل مرئى شاهده القاصى والدانى, واليوم أعرضه لكم بالقلم,  ومن خلال موقعنا هذا لعل يكون هناك حل بالفعل, وقد نشرت كبرى مواقع الأخبار تفاصيل ما قمنا به فى هذه المهمة الخاصة وكان أشهر ما نشروا هو موقع وجريدة اليوم السابع.

الخاتمة
لا يمكن أن أنسى أبدآ هذه المهمة الخاصة, التى اعتبرها ناقوس خطر للجميع, لابد من مواجهة مصرف الرهاوى, لابد من مواجهة هذا المصرف الذى يحصد أرواح أبنائنا يوميآ, الأمر عن جد خطير ومزعج للغاية,  ويحتاج إلى تدخل فورى وعاجل من الأجهزة المختصة, قبل مايفوت الأوان.
الإعلامى أحمد رجب
الإعلامى أحمد رجب
الاعلامى أحمد رجب.. ضابط شرطة سابق بوزارة الداخلية .. ومقدم برنامج مهمة خاصة على شبكة قنوات الحياة .. كاتب مستقل ومفكر.. حاصل على درجة الماجسنير من كلية الحقوق جامعة القاهرة.. خريج كلية الشرطة عام 1998 .. له العديد من البرامج التليفزيونية الناجحة وأشهرها برنامج مهمة خاصة .. تكرم من العديد من المؤسسات الرسمية والتعليمية وابرزهم وسام جامعة بنها وجامعة القاهرة ومعهد الاسكندرية العالى للاعلام .. محاضر غير متقرغ فى بعض الجامعات وابرزهم الجامعة الامريكية بالقاهرة.
تعليقات