السبب الغير معلن فيما حدث على الصحراوى
حادث الإسكندرية الصحراوى, حادث طريق الإسكندرية الصحراوى اللى حصل النهاردة الصبح أمام السلمانية, سبب حادث الصحراوى اليوم, حادث الإسكندرية اليوم, أسماء وفيات حادث الصحراوى اليوم, فيديو حادث طريق مصر إسكندرية الصحراوى اليوم, حادث الصحراوى اليوم, كل هذه الجمل كاد أن ينفجر بها محرك البحث العملاق جوجل, حادث مروع دفع المصريين إلى البحث عن تفاصيله, ومحاولة تجميع واستقصاء أى بيانات عنه.
استيقظت مصر صباح السبت الموافق 28 أكتوبر على فاجعة بكل المقاييس, فاجعة ربما لم تحدث فى مصرعلى مدى سنوات بل عقود عديدة مضت, أكثر من ثلاثون حالة وفاه على طريق مصر إسكندرية الصحراوى تجاه القاهرة, وبالتحديد عند الكيلو134, بالقرب من منتجع السلمانية ووادى النطرون, دائرة محافظة البحيرة, فماذا حدث.
شبورة مائية تحول طريق الاسكندرية الصحراوى إلى سجيل
كانت الساعة لم تدق الثامنة بعد, حيث كانت الأمور تسير على مايرام على طريق مصرالإسكندرية الصحراوى كعادتها كل يوم, فالسيارات فى ذهاب وإياب مستمر على جانبى الطريق, منها ما هو متجه للإسكندرية, ومنها ما هو متجه للقاهرة, وكانت الشبورة المائية ترمى بظلالها الكثيف على أفق الطريق, تلك الشبورة التى إعتاد عليها الجميع, لم يكن يعلم قائدى هذه السيارات أنهم سوف يكونوا بعد دقائق معدودة على موعد مع النهاية المفجعة.
عند الكيلو134 تحديدآ وبالقرب من منتجع السلمانية الشهير. وتحديدآ فى منطقة النوبارية, عند قرية الشجاعة ووادى النطرون, كانت الساعة تدق الثامنة صباحآ, فى هذا التوقيت تحول الطريق الممهد إلى سجيل, تحول إلى وادى من أودية جهنم الحمراء, تحولت السيارات إلى قطع متناثرة هنا وهناك, وكأننا نشاهد فيلم من أفلام الكرتون.
البعض نجح فى القفز من السيارات, والبعض الأخر لم يستطع فظل سجينآ داخل سيارته تلتهمه ألسنة اللهب, هو وأسرته ومن كان معه, أربعون سيارة تفحمت تفحمآ كاملآ, وثلاثون شخصآ لم يتم تحديد هويتهم من شدة التفحم والتحجر, الأرض تزلزلت, وظن البعض أنه يوم البعث, وهرولت كافة الأجهزة المعنية إلى المكان ولكن بعد فوات الأوان.
أسباب الحادث التى لا يعلمها سوى المختصون نكشفها لكم
تشرفت إبان عملى السابق كضابط شرطة, تشرفت بالعمل فى قطاع الحماية المدنية بوزارة الداخلية, ومن هذا المنطلق فإننى سوف أكشف لكم الأسباب الفنية التى أدت إلى حدوث هذه الفاجعة وتفاقمها ووصولها لهذه الدرجة المؤسفة والمتردية, تعجبت جدآ وأنا أطالع مواقع إخبارية لها باع طويل فى العمل الصحفى, تعجبت وهم يتناولون الموضوع بشكل خبرى جاف, دون أى تحقيق ميدانى مواكب للحدث, فكانت كل الأخبار عبارة عن قص ولصق بكل أسف.
ومما زاد الطين بلة, أننى وجدت البعض يتناول أسباب الحادث بشكل غير فنى, فالجميع يعزى الحادث للشبورة المائية, وأنا أرى أن هذه الشبورة المائية لم تساهم فى تفاقم هذا الحادث سوى بنسبة لا تتعدى الثلاثون أوالأربعون فى المئة على أقص تقدير, ودعونا نستعرض معكم الأسباب الحقيقية الخفية التى لا يعلمها سوى المختصون فقط.
تعلمنا فى مجال الحماية المدنية وتعلمنا من الفرق التأهيلية التدريبية رفيعة المستوى التى تشرفت بالحصول عليها من مصلحة الحماية المدنية, تعلمنا أن مثلث الإندلاع يتكون من ثلاثة أضلاع أساسية وهم الوقود ودرجة الحرارة والأوكسجين, وأنه يجب القضاء على أى ضلع من هذه الأضلاع حتى يتم إخماد الإندلاع, وهذا لم يحدث فى حادث الاسكندريه الصحراوى.
هذه هى الأسباب الخفية فيما حدث على الإسكندرية الصحراوى
لم تقصرأجهزة الدولة أو الحكومة المصرية بشكل عام, ولم تقصر مديرية أمن البحيرة ولا محافظة البحيرة بشكل خاص, ولكنها الظروف القهرية التى وضعت الجميع فى أزمة طاحنة وشلل تام فى التعامل مع الوضع الراهن, وهنا تكمن الأسباب الحقيقية التى أدت إلى تفاقم الأمر بهذا الشكل الخطير, ونعزى ذلك إلى نوعين من الأسباب إحداهما أسباب طبيعية والأخرى أسباب فنية.
وقبل توضيح هذه الأسباب, يجب أن نشير لمعنى الأسباب الطبيعية, فالمقصود بها هى تلك الأسباب التى هى من صنع الطبيعة ولا دخل للإنسان فيها, فهى أسباب شاءت الظروف أن تكون موجودة فى هذا التوقيت , وأهمها الشبورة المائية , وتوافر المواد القابلة للإشتعال بنسب وكميات كبيرة, وهى أسباب معلنة للجميع, لم تؤدى إلى تفاقم الأزمة بهذا الشكل الخطير’ عكس الأسباب الأخرى الفنية الخفية والغير معلنة, والتى سوف نوضحها لكم بالتفصيل, دعونا الأن نتعرف على هذين النوعين من الأسباب على النحو التالى.
الأسباب الطبيعية المعلومة للجميع والمنشورة
هناك أسباب طبيعية تناقلها الجميع وتم نشرها فى كل مواقع الأخبار, وهى إن ساهمت بنسبة معينة فى حدوث هذه الأزمة, إلا أنها ومن وجهة نظرنا الفنية, لايمكن أن يعزى لها هذا الحادث المدمر بشكل كبير وهى كالتالى:
- كثافة الشبورة المائية التى حجبت الرؤية بشكل كبير.
- الكثافة الزائدة لعنصر الأوكسجين فى الهواء بنسب هائلة ومرتفعة للغاية مما أدى إلى سرعة الإشتعال.
- كثافة وتوافر المواد القابلة للإشتعال سواء من غاز أوبنزين نتيجة أن السيارات جميعها كانت ممونة بهم.
- عنصرالمفاجأة الغير متوقعة مما أدى إلى تفاقم الأمور بشكل سريع.
وجميعها أسباب متواضعة من وجهة نظرنا الفنية, نعم كان لها دور فى حدوث الأزمة ولكنها لم تكن هى الأسباب المباشرة التى أدت بشكل مباشر إلى تفاقم الأمر بهذا الشكل الخطير, عكس الأسباب الأخرى الفنية الخفية.
الأسباب الفنية الخفية على الجميع والغير منشورة تمامآ
وهنا لابد وأن نقف كثيرآ, هنا لابد أن نركز طويلآ, حيث ما سوف نسرده لكم الأن قد يبدوغريبآ أوغيرمألوفآ لدى العامة والغير مختصين, ولكن جميع العاملين سواء فى مجال الحماية المدنية أو فى مجالات الأمن والسلامة والصحة المهنية يعلمونه جيدآ, وهذه الأسباب يمكن إجمالها لكم فيما يلى:
- مثلث اللهب الذى يتكون من ثلاثة أضلاع رئيسية وهم الوقود ودرجة الحرارة والأوكسجين لم يتم التغلب عليه.
- اللهب ناجم عن اندلاع غازى مختلط بالزيت وهذا يستحيل اطفاءه أو التعامل معه بالمياة والأساليب التقليدية.
- شراسة الإندلاع الغازى ومساحته العملاقة والفضاء الخارجى والحيز المكانى الشاسع كان عقبة ما بعدها عقبة.
- توافر الأوكسجين بكميات هائلة وعدم القدرة على استخدام أسلوب الإغلاق المتعارف عليه علميآ لمنع وصول الأوكسجين.
- استحالة توفير المواد الرغوية الجافة أو الكميات الهائلة من مادة الهالوجين باهظة الثمن فى مثل هذه المساحة الشاسعة.
- إستحالة اللجوء لأسلوب الخنق المتعارف عليه علميآ فى هذه النوعية بالذات من الإندلاعات لعدم توافر مواده الأساسية الجافة.
- استحالة اللجوء إلى أسلوب التجويع المعروف أيضآ علميآ إلا بنسبة لم تتجاوز الواحد فى المئة مما أدى إلى تفاقم الأمر.
بالطبع فإن هذه هى الأسباب الفنية الخفية التى لم تعلن, والتى لا يعلمها سوى المختصين فقط, وهذه الأسباب هى التى نراها من وجهة نظرنا الفنية والعملية, هى الأسباب المباشرة الحقيقية التى أدت إلى حادث طريق مصر إسكندرية الصحراوى.
كيف يتم التعامل مع الإندلاعات الغازية أو الزيتية أو البترولية
وهنا قد يتبادر السؤال الملح فى أذهان البعض, كيف إذآ يكون التعامل فى مثل هذه الحوادث, خاصة الإندلاعات الشرسة الناجمة عن تفاعلات غازية أو بترولية أو زيتية, دعونا فى البداية ننوه ونؤكد أن استخدام الماء, هواستخدام فاشل بكل المقاييس وغير مجدى وربما يضاعف من الأزمة, والتعامل لا يكون إلا بالأساليب التالية بالترتيب التالى:
- الأسلوب الأول وهو حجب الأوكسجين أو الإغلاق التام للمنافذ حتى نمنع دخول أوكسجين الهواء أحد أضلاع مثلث الإشتعال.
- الأسلوب الثانى وهوالخنق أى خنق مصدر الإندلاع نفسه وعزله عن المادة القابلة للإشتعال باستخدام الرغاوى الكيميائية.
- الأسلوب الثالث وهو التجويع أى إبعاد كافة المواد القابلة للإشتعال من على مائدة الإندلاع إن جا التعبيرفلا يلتهمها الاندلاع.
وهكذا فهذه هى الأساليب العلمية والفنية المتعارف عليها علميآ ودوليآ, هذه هى الأساليب التى يجب اتباعها للتعامل مع كافة الإندلاعات الغازية أوالبترولية أوالزيتية, وبتطبيق ذلك على حادث الصحراوى, نرى أنه ولا أسلوب كان متوفرآ بكل أسف, وهذا ليس تقصير أو عجز من الدولة, ولكنها الظروف المناخية والطبيعية واللوجستية, التى حالت دون اللجوء لأى أسلوب من هذه الأساليب الفنية.
استحالة التعامل مع حادث الصحراوى بالأساليب الفنية والعلمية
كانت هناك استحالة كبيرة فى التعامل مع حادث اسكندرية بالطرق والأساليب الفنية والعلمية والمتعارف عليها دوليآ, خاصة فى اندلاعات الغازوالزيت والبترول, حيث كان هناك استحالة مطلقة فى تنفيذ عملية الإغلاق, أى منع وصول الأوكسجين إلى مكان الأزمة, لأن الأزمة برمتها كانت فى مكان مفتوح وشاسع وفضاء خارجى مترامى الأطراف.
أيضآ كانت هناك استحالة أخرى مطلقة فى التعامل مع حادث الصحراوى بالطرق والأساليب الفنية والعلمية, حيث كانت هناك استحالة أخرى مطلقة فى تنفيذ عملية الخنق, أى منع وصول مصدر الإندلاع نفسه للمواد المشتعله, والمعروفة أيضآ بعملية العزل, وذلك لاستحالة توفير أطنان هائلة من المواد الكيميائية الجافة التى تؤدى لهذا الغرض.
وأخيرآ كانت هناك استحالة أيضآ فى التعامل مع حادث طريق الاسكندريه الصحراوى بالأساليب الفنية والدولية, حيث كانت هناك استحالة فى تنفيذ عملية التجويع, أى منع وصول المواد القابلة للاشتعال لمحيط الإندلاع نفسه, وذلك لأن الإندلاع نفسه كان لحظى ومفاجئ, وكافة هذه المواد القابلة للاشتعال قد تم التهامها بالفعل ولا يوجد منها شئ للتجويع.
الخاتمة
وهكذا وكما أوضحنا, فقد كانت هذه هى الأسباب الفنية الخفية لما حدث على الإسكندرية الصحراوى, تلك الأسباب التى لم يعلنها أحد, هذه كانت الأسباب التى أدت بشكل مباشر إلى تفاقم الأزمة بهذا الشكل المخيف, لم تكن الشبورة المائية أو غيرها من الأسباب الأخرى المعلنة هى السبب الرئيسى لتفاقم الأزمة على الإطلاق.