📁 آخر الأخبار

منصور العيسوى _ وداعأ يامعالى الوزير

 منصور العيسوى الوزير الشريف 

منصور العيسوى الوزير الشريف الذى لن يتكرر مرة أخرى, منصور عيسوى وزير الداخلية الذى قاد مرحلة دقيقة للغاية من أهم المراحل التاريخية التى مرت بها مصر, اللواء منصور العيسوى,  قصة وحكاية كبيرة لم ولن يتسع لها مقالة واحدة على الإطلاق, اللواء منصور عيسوى,  رحل عن عالمنا منذ شهور قلية ولكن تبقى شهادتنا فى حقه واجب أصيل علينا.


منصور العيسوى
منصور العيسو _ وداعأ يامعالى الوزير.
إنه مقال عن والدى الروحى ومعلمى وأستاذى اللواء منصور العيسوى, هو مقال من نوع خاص, يختلط فيه الحبر بالدموع, نعم, يختلط فيه الحبر بالدموع,  وتملأ كلماته مشاعر الشجن,  وتتخلل سطوره لحظات عديدة من الصمت, هذا الصمت الذى شعرت به كثيرآ وأنا اكتب كلمات هذا المقال, فكل جملة وراءها فلاش باك, وكل حرف وراءه ذكريات لا يمكن أن يمحيها الزمن على الإطلاق, فمن هو منصور العيسوى.

من هو اللواء منصور العيسوى

هو ابن الصعيد البار, ابن محافظة قنا, ولد فى منتصف ثلاثينيات القرن الماضى, بعد حصوله على التوجيهية إلتحق فورآ بمدرسة البوليس,  حيث كانت أمنيته وحلم حياته, تم قبوله بمدرسة البوليس  فى اوائل خمسينيات القرن الماضى, وتخرج منها عام 1959 برتبة ملازمآ تحت الإختبار بمديرية أمن القاهرة.

وصفته وكالة رويترز الإخبارية العالمية بأنه الوزير المصرى ذو الشعبية الجارفة, ولم يكن هذا من فراغ, ولكن بسبب جهوده المضنية والمخلصة فى دحض كل أوجه الفساد والخروج عن النص, استمر فى فترة المعاش نحو ما يقرب من خمسة عشر عامآ, ليكون أول وزير يتم استدعاءه من المعاش,  وإسناد منصب وزير الداخلية له,  بعد كل هذه الفترة الطويلة جدآ.

ولم يكن هذ االإستدعاء  من فراغ أيضآ, ولكن نظرآ للظروف السياسية الخطيرة والدقيقة التى كانت تمر بها مصر فى ذلك الوقت, والتى كان لايجدى معها سوى وزير داخلية من نوعية وطراز منصور عيسوى, هذه النوعية الفريدة التى لم يجود بها الزمان إلا كل مائة عام, فجاء وزيرآ للداخلية فى حكومة الدكتور عصام شرف خلفآ للواء محمود وجدى.

أسباب إسناد حقيبة وزارة الداخلية للعيسوى وشعبيته عام 2011

منصور العيسوى
اللواء منصور العيسوى وزير الداخلية السابق.
لم يكن إختيار العيسوى وإسناد منصب وزير الداخلية له من فراغ كما قلنا, ولكن كان هنالك أسباب جوهرية عديدة وراء هذا القرار السيادى, يمكن أجمال هذه الأسباب فى النقاط التالية:
  • عمله المضنى والمستمر والدءوب على مدى كل سنوات عمره فى إنتشار الأمن فى كل ربوع البلاد.
  • عمله المحنك والمستمر فى إبراز الصورة الإيجابية لوزارة الداخلية والجوانب المضيئة والبناءة للوزارة.
  • اهتمامه الفائق وتعليماته المستمرة للإهتمام بحقوق المواطنين وتذليل أى عقبات يشعر بها المواطن.
  • استبداله لشعار الشرطة فى خدمة سيادة القانون بشعار الشرطة فى خدمة الشعب والعمل على تكريسه وتفعيله.
  • عمله الدءوب والمستمر فى إعادة الثقة وتوطيد أواصر العلاقة المتينة بين جهاز وزارة الداخلية وبين الشعب.
  • تغييره لمسمى أمن الدولة واستبداله بمسمى أخر وهو قطاع الأمن الوطنى بقرار وزارى عام 2011.
  • لا يخشى فى الحق إلا الله تعالى ونظيف لليد بشهادة الجميع.
هذه كانت أهم الأسباب والعوامل التى بناء عليها تم إختيار اللوء منصور العيسوى وزيرآ للداخلية فى هذه الفترة الدقيقة من عمر الوطن, والتى بناء عليها وصفته وكالة رويترز بأنه الوزير ذو الشعبية الجارفة.

العيسوى والتاريخ المشرف والمناصب السابقة


منصور العيسوى
العيسوى والتاريخ المشرف والمناصب السابقة.
تاريخ طويل,  وسجل حافل بالإنجازات والمناصب الأمنية الرفيعة, تلك المناصب التى لم تغير فى شخصيته شيئآ, لكنها زادته تواضعآ وأخلاقآ وتقربآ من الله, هكذا كان اللواء العيسوى على مدار حياته كلها, لا منصب ولا جاه ولا سلطان كان يخشاه سوى الله فقط, تدرج العيسوى منذ تخرجه فى العديد من المناصب, وكلها كانت مناصب رفيعة المستوى ومشرفة جدآ, علمآ بأنه رحمه الله كان دومآ هو الذى يضيف للمنصب, فلم يكن المنصب أبدآ قد أضاف له شيئآ على الإطلاق, بل كان هو الذى يترك البصمة والعلامة والتاريخ, ويمكن إجمال هذه المناصب بالترتيب التالى:
  1. ملازمآ تحت الإختبار عام 1959 بمديرية أمن القاهرة وبالتحديد قسم شرطة الأزبكية عقب تخرجه مباشره.
  2. ضابطآ بالمباحث العامة أنذاك عام 1961 وما أعقب ذلك التاريخ.
  3. مفتش فرقة الغرب بالمباحث العامة.
  4. رئيس عمليات الإدارة العامة لمباحث القاهرة.
  5. وكيلآ للإدارة العامة لمباحث القاهرة.
  6. مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة عام 1988.
  7. مساعد وزير الداخلية لمنطقة شمال الصعيد عام 1991.
  8. مساعد أول لوزير الداخلية مديرآ لأمن العاصمة عام 1993.
  9. مساعد أول لوزير الداخلية مديرآ لقطاع مصلحة الأمن العام عام 1995.
  10. محافظآ للمنيا عام 1996 وحتى عام 1997.
  11. صدورقرار جمهورى من الرئيس السابق حسنى مبارك بإحالة اللواء العيسوى للمعاش عام 1997.
  12. استدعاء اللواء العيسوى من المعاش وتكليفه وتعيينه بقرار جمهورى وزيرآ لداخلية مصر عام 2011.
وهكذا يكون العيسوى هو أول وزير فى تاريخ وزارة الداخلية يتم استدعاءه من المعاش,  وإسناد الحقيبة الوزارية له بعد ما يقرب من 15 سنة قضاها هذا الرجل الشريف كمواطن عادى يقطن بشقة متواضعة للغاية بشارع مراد بحى الدقى.

مش عاوز حواجز تحت بيتى كلنا سواسية

حظيت بشرف لقاءه مئات المرات,  وكل لقاء فيهم كان درسآ عميقآ ومحاضرة دسمة لا يمكن أن أنساها, من المحال أن أسرد كل هذه الأمور فى مقالة واحدة, لكنها ستكون بإذن الله فحوى مقالات أخرى قادمة إن شاء الله, لعل أبرز ما أود الإشارة إليه الأن,  هو موقف كان دومآ يزرعه فى وجدان تلامذته ومريديه وأنا منهم, عندما كان يطلب منا معاملة الناس بكل بساطة وكل حب,  وأن المناصب فى النهاية فانية وراحلة,  ولا تبقى إلا السيرة العطرة للإنسان.

أتذكر فى إحدى المرات ضرب مثال بنفسه  وكنت أتحدث مع سيادته عن بعض الإستثناءات وقال لى, "أنا معنديش حاجة  اسمها استثناءات, أنا  نفسى وأنا راجع من الوزارة لقيت حاطين ليا سدادات مرور تحت بيتى,  وقلبت الدنيا,  وكلمت مدير أمن الجيزة,  وبلغتهم يشيلوا السدادات دى فورآ , لأنهم أحرجونى أوصاد الجيران بتوعى, كلنا سواسية يابنى", وكنت أحاول كتم الإبتسامة, ولكنى تعلمت درس أخر من دروس هذا الرجل العظيم الشريف.

لم يكن هذا الموقف فحسب, بل مئات المواقف ومئات القيم والمبادئ, ومئات التعليمات والإرشادات والنصائح, التى كانت كفيلة بأن تهذب النفسى,  وتسمو بالروح,  وتدعم وعن تجربة  أواصر العلاقة والثقة بين الشرطة والشعب, بالطبع كل ذلك ينعكس بشكل مباشر على علاقة الضابط بالمواطن, خاصة وأن وزير الداخلية نفسه الذى يجلس على قمة  الهرم الأمنى,  كانت هكذا هى مبادئه وتوجهاته ورؤيته التى كان دومآ ما يعتز بها.

الخاتمة
رحم الله أستاذى وأستاذ كل ضباط الشرطة المصرية, اللواء منصور العيسوى, هذا الرجل الشريف, العصامى, نظيف اليد, محمود السيرة, غزير الثقافة, واسع المعرفة, دمث الخلق, مهذب الطبع, متواضع حتى الثمالة, رحم الله هذا الرجل العملاق الذى قلما ما تجود به مصر مرة أخرى, لتبقى هناك العديد من الأسرار الأخرى,  والمواقف الحصرية الأخرى التى حضرتها بنفسى مع اللواء العيسوى رحمه الله, والتى سوف تكون محل مقالة أخرى قادمة بإذن الله.








الإعلامى أحمد رجب
الإعلامى أحمد رجب
الاعلامى أحمد رجب.. ضابط شرطة سابق بوزارة الداخلية .. ومقدم برنامج مهمة خاصة على شبكة قنوات الحياة .. كاتب مستقل ومفكر.. حاصل على درجة الماجسنير من كلية الحقوق جامعة القاهرة.. خريج كلية الشرطة عام 1998 .. له العديد من البرامج التليفزيونية الناجحة وأشهرها برنامج مهمة خاصة .. تكرم من العديد من المؤسسات الرسمية والتعليمية وابرزهم وسام جامعة بنها وجامعة القاهرة ومعهد الاسكندرية العالى للاعلام .. محاضر غير متقرغ فى بعض الجامعات وابرزهم الجامعة الامريكية بالقاهرة.
تعليقات