📁 آخر الأخبار

الحرافيش _ مبخرة وزكية وابن فوزية حرافيش السوشيال ميديا

 الحرافيش مبخرة وزكية وبريزة

رحم الله صاحب نوبل الكاتب الكبير نجيب محفوظ رحمه الله, الذى كتب لنا رواية الحرافيش,  التى تحولت لفيلم سينمائى فى بداية ثمانينيات القرن الماضى,  رواية الحرافيش هى إحدى أهم روايات نجيب محفوظ على الإطلاق, وللأسف فوجئنا فى الأونة الأخيرة بنوع أخر من الحرافيش, نوع فريد لم يكن نجيب محفوظ نفسه يتوقع أن يطفوا هذا النوع الجديد من الصعاليق و الحرافيش على سطح الحياة الإجتماعية فى مصر, ولكن هذا ما حدث وبكل أسف.

الحرافيش
الحرافيش _ مبخرة وزكية وابن فوزية  حرافيش السوشيال ميديا.
الحرافيش _ مبخرة وزكية وابن فوزية  حرافيش السوشيال ميديا.
حرافيش جدد,ن دأب عل نخرجدار الحياة الإجتماعية المصرية, سوس جديد ينخر فى جدار الأخلاقيات فى مصر, حرافيش اتخذوا من وسائل التواصل الإجتماعى,  وبالأخص منصة اليوتيوب , مادة للتربح والتسول واستجداء الناس على حساب إنتهاك الحياة الخاصة للأسر المصرية,  والخوض فى عرض وشرف الناس, وإذاعة وعرض الشائعات, وبث الفتنة والخديعة فى عقول رواد هذه الوسائل الإلكترونية,  وسوف نتعرض فى مقالنا هذا لهؤلاء الحرافيش .

من هو بريزة زعيم الحرافيش

الحرافيش
من هو برايز زعيم الحرافيش.
روايه الحرافيش كتبها الروائى المصرى الكبير نجيب محفوظ,  فى منتصف سبعينيات القرن الماضى, ورغم أن الرواية تختلف إختلافآ كليآ وجوهريآ عن قصة فيلم الحرافيش,  الذى يحمل نفس الإسم,  والذى لعب بطولته الفنان المصرى الراحل محمود ياسين, إلا أن الفكرة نفسها لم تختلف, والرسالة نفسها التى كانت تبغيها الرواية , لم تختلف عن الرسالة التى كان يبغيها الفيلم السينمائى.

الفكرة سواء فى الرواية أو الفيلم,  كانت تدور حول انفصال الإجيال,  وعدم تسليم راية القيم والأخلاق من جيل إلى جيل كما كان يحدث من قبل,  واندساس العروق العفنة التى لم تكن يعرفها المجتمع المصرى من قبل,  وإن كانت فى جوهرها هى عروق مصرية أصيلة, وسيطرة المادة على المجتمع, وقطع الأرحام, وتكريس عادات وسنن قبيحة لم يعرفها المجتمع المصرى من قبل.

كان الفنان المصرى محمود ياسين,  يجسد شخصية سليمان الناجى,  زعيم الحرافيش والغلابة, الذى كان يستحوذ على أموال الأغنياء المتسلطين,  ويمنحها للحرافيش الذى ينتمى هو لهم شخصيآ, ولأن سليمان الناجى كان يمثل خطرآ حقيقيآ على الرأسماليين والظلمة والإقطاعيين,  فكان لابد من إسقاطه,  وكان أول مسمار فى نعش سليمان الناجى,  هو زوجته فتحية من خلال زكية اللعوب.

أظن,  بل أكاد أجزم أن نجيب محفوظ نفسه,  محال أن يتخيل ثمة لحظة,  أنه سوف يأتى زمان تظهر فيه حرافيش جدد من نوع أخر,  وتتخذ من التطور التكنولوجى بيئة عفنة للسيطرة على عقول العامة,  وبث سمومها فى وجدان الجيل الحالى, وهنا تظهر شخصية بريزة زعيم الحرافيش الجدد,  ابن فوزية شقاوة صاروخ السيدة زينب, وتظهر شخصية مبخرة النطع, أما زكية فحكايتها حكاية.

كركر بريزة ابن فوزية شقاوة وحكايته مع الحرافيش

شتان الفارق والبون الشاسع,  بين شخصية كركر بريزة ابن فوزية شقاوة صاروخ شارع السد بحى السيدة زينب, وشخصية سليمان الناجى فى فيلم الحرافيش, فهذا الحرفوش الذى ظهر فى الأونة الأخيرة يمارس كل أساليب التشهير والتجريح وسب الأعراض وتهديد الأمنين وانتهاك حرمة الحياة الخاصة للمواطنين على وسائل التواصل الإجتماعى,  فما هو سوى  أجير,  ينتمى لأردء فصائل الكلاب البلدى المسعورة.

ثم تظهر شخصية مبخرة الأراجوز الذى بلغ من العمر عتيآ,  لكنه مازال يبحث له عن دور السنيد, حتى لو كان هذا الدور على حساب المبادئ والأعراف والتقاليد, مبخرة صاحب المجلة المغمورة والنزوات المعروفة,  الذى يلهث كالكلب وراء كل ما هو محرم , فهو حرفوش أخر من حرافيش أخر الزمان,  الذين ظنوا فى غفلة من الزمن أنهم أسياد الأمة, ثم تأتى زكية المتسلقة التى لا يهمها هذا أو ذلك,  ولكنها تبحث عن دور بديعة مصابنى فى أفلام الأبيض والأسود. .

كركر الذى إقترب كثيرآ من الأرض,  يظن أنه عنترة بن شداد, ومبخرة المهزوز,  يظن أنه ذير النساء, وذكية تعتقد أنها فاتنة لحى,  التى تحدث عنها أبى فراس الحمدانى فى رائعة أم كلثوم أراك عصى الدمع, يجهل الجميع أن الحرافيش فى عصر نجيب محفوظ,  وإن كانوا حرافيش مهمشين فى المجتمع , إلا أنهم كانوا شرفاء وغلابة عن حق, أما حرافيش هذا العصر فهم مستنقع قمئ يدعوا إلى الإشمئزاز .

حرافيش نجيب محفوظ وأسباب النجاح 

رغم أن الرواية الأدبية كانت تحمل إسم مختلف,  وهو الحب والقضبان, عكس الفيلم السينمائى,  الذى كان يحمل عنوان الحرافيش, إلا أن السياق العام سواء فى الرواية أو الفيلم كان جديرآ بتحقيق نجاح باهر,  على الصعيدين الدرامى والأدبى, ربما كانت الواقعية التى تميز بها الكاتب الكبير رحمه الله نجيب محفوظ , وتجسيد روح الحارة المصرية بما فيها من عبق الماضى وأحداث كانت ملتهبة, عاشها المصريون فى وقتآ سحيق.

وربما كانت الدراما نفسها,  وما مر به الحرافيش من وطأة الحياة الإجتماعية,  والتحول المفاجئ فى حياة أحد هؤلاء الحرافيش,  وهو سليمان الناجى,  الذى لعب دوره النجم الراحل محمود ياسين , هذا التحول الذى كان مزامن لزواجه الثانى من سنية,  إبنة تاجر الدقيق الكبير,  ذات المستوى الراقى والغنى الفاحش, وتخليه عن فتحية شقيقة صديقه عتريس, ليتحول خضر الناجى من حرفوش إلى وجيه, ومن سائق الكارو إلى سائق الأوتومبيل.

وقد كان هذا التحول فى شخصية سليمان الناجى,  هو الذى منح الفيلم إثارة وجدل كبير, فكيف لإبن الحرافيش أن ينقلب على مبادئه وأعرافه وتقاليده وأهله, وهكذا نعيش الأن فى عصر السوشيال ميديا, مع هؤلاء الحرافيش الجدد, الذين يجسدون نوعآ أخر مختلفآ من حرافيش العصر الماضى

حرافيش السوشيال ميديا ليسوا امتداد لحرافيش نجيب محفوظ

أما حرافيش السوشيال ميديا,  أمثال بريزة ومبخرة وزكية,  فلا يمكن إعتبارهم إمتداد لحرافيش نجيب محفوظ, وإن كانوا يشتركون فقط فى الوصف وهو الحرافيش, إلا أن هناك فرق عظيم بين هذا وذاك, فحرافيش وسائل التواصل الإجتماعى أصحاب المنصات الإلكترونية الصفراء,   أمثال هؤلاء المذكورين , وكل من يدعمهم أو يشاهدهم,  ما هم سوى شرذمة أفرزتها الظروف الإجتماعية والإقتصادية السيئة.

فهؤلاء وبحق بالوعة صرف صحى طافحة,  لا يمكن أن تجنى منها سوى القاذورات والطفيليات والحشرات, هم ليسوا فقط ملوثين للمجتمع,  بقدر ما هم ملوثين لأنفسهم,  ولكل من يحيط بهم, مثل هؤلاء فقاقيع من الهواء تلهث وراء أن يكون لها مكانة أو وجود فى المجتمع, مثل هؤلاء إتسخت قلوبهم بأتربة الحقد والغل ضد كل ما هو ثمين أو نفيس أو جميل, هؤلاء اتخذوا من القبح نافذة يطلون منها على المجتمع,  ويبصقون منها على كل ماهو زاهى وجميل.

حرافيش السوشيال ميديا,  هم خطر داهم على المجتمع, وسوس ينخر فى جدار الأخلاقيات فى مصر, وإفرازات قذرة فى جسد المجتمع المصرى, وأورام خبيثة , لابد من إستئصالها,  قبل أن تتفحل وتؤدى إلى جرائم عنيفة على أرض الواقع, الفرق بين حرافيش نجيب محفوظ وحرافيش هذا العصر الرقمى,  يكمن فى الأخلاقيات والأصول والتمسك بالحد الأدنى من مبادئ الدين والعرف والأخلاق, فإن كان خضر الناجى قد تحول فى رواية نجيب محفوظ , إلا أنه قد أفاق وعاد لرشده وأصله وبيئته, أما هؤلاء الأقزام حرافيش العصر,  فقد إنعدم لديهم أدنى درجات الرحمة أو الضمير, فكانوا ومازالوا شياطين على هيئة بشر,  وهم يحسبون أن يحسنون صنعآ.

الخاتمة
وهكذا نكون قد أشرنا إلى آفة مهمة جدا تهدد المجتمع المصرى,  وهى سلبيات السوشيال ميديا ومنصات التواصل الإجتماعى,  خاصة القنوات الصفراء المنتشرة على منصة اليوتيوب العالمية , وما تحويه من إسفاف غير طبيعى ومن تربح غير مشروع على حساب عرض وشرف وسمعة الأخرين, ووصفناهم بالحرافيش , مع الفارق العظيم بين هذا الوصف وبين وصف الحرافيش فى رواية نجيب محفوظ  المعروف بإسم, الحب والقضبان, تلك الرواية التى تحولت فيما بعد إلى فيلم الحرافيش,  الذى هو علامة من علامات السينما المصرية.

الإعلامى أحمد رجب
الإعلامى أحمد رجب
الاعلامى أحمد رجب.. ضابط شرطة سابق بوزارة الداخلية .. ومقدم برنامج مهمة خاصة على شبكة قنوات الحياة .. كاتب مستقل ومفكر.. حاصل على درجة الماجسنير من كلية الحقوق جامعة القاهرة.. خريج كلية الشرطة عام 1998 .. له العديد من البرامج التليفزيونية الناجحة وأشهرها برنامج مهمة خاصة .. تكرم من العديد من المؤسسات الرسمية والتعليمية وابرزهم وسام جامعة بنها وجامعة القاهرة ومعهد الاسكندرية العالى للاعلام .. محاضر غير متقرغ فى بعض الجامعات وابرزهم الجامعة الامريكية بالقاهرة.
تعليقات