محل ملابس شهير بوسط البلد يتحول إلى رماد
محل ملابس وسط البلد, يتحول إلى رماد فى لحظة, كنا منذ أيام وقد تحدثنا فى مقال سابق عما حدث من واقعة مروعة على طريق مصر الإسكندرية الصحراوى, لنشهد منذ ساعات واقعة مماثلة ومشابهة تمامآ فى السبب, واقعة شهدها حى الأزبكية, وبالتحديد شارع 26 يوليو, فى محل ملابس شهير, فى عقار مكون من طوابق عديدة.
محل ملابس وسط البلد _ كيف تحول المحل الشهير إلى رماد والسبب. |
المعاينة الأولية والتفاصيل الحصرية حول الواقعة
إنتقلت سيارات الحماية المدنية من ديوانها الرئيس بحى العتبة, حوالى سبعة سيارات إطفاء, من ضمنهم سيارات الخزان الكبيرة الحجم, التى تدعم السيارات الأخرى بالإمدادات المائية, وسيارات أخرى بها البودرة الجافة للتعامل مع الإندلاعات الكيميائية.
وإنتقل فريق من رجال النيابة العامة, ورجال المعمل الجنائى, حيث كشفت المعاينة الأولية, أن الإندلاع قد حدث فى محلين كائنين داخل طابق مكون من عشرة طوابق, وقد جاء تقرير مصلحة تحقيق الادلة الجنائية, يؤكد أن ماحدث هو نتيجة شرز خفيف, قد تولد نتيجة ضعف الضغط الكهربائى والتحميلات الكهربائية داخل إحدى اللافتات.
ولأن المحلات كانت تحوى مواد قابلة للإشتعال اللحظى, حيث أن أحد هذه المحلات كان عبارة عن محل يضم ألاف البدل الرجالى, وهو محل ملابس وسط البلد الشهير, والمحل الأخر كان يحوى ألاف الأحذية, مما أدى إلى سرعة الإشتعال اللحظى, إحدى هذه المحلات كان بالدور الأرضى بعد العلوى, والأخر كان بالدور الثانى, وقد امتدت ألسنة الإندلاع لباقى العقار.
التحقيقات الأولية للنيابة العامة وتقدير الخسائر المادية
استمع رجال النيابة العامة لأقوال صاحب محل ملابس وسط البلد, وأيضآ لأقوال صاحب محل الأحذية, ولأقوال صاحب العقار ذاته, المكون من عشرة طوابق, كما استمعت نيابة الأزبكية للشهود الذين تصادف وجودهم أثناء الواقعة, وأيضآ لأقوال العاملين والموظفين الذين كانوا موجودين وقت الحادث.
طلبت النيابة العامة سرعة ورود تقرير مفصل من إدارة الحماية المدنية, حول إن كانت هذه المحلات قد اتبعت بالفعل أساليب وطرق الوقاية, التى هى من ضمن أساسيات التصريحات الأولية والمبدئية لممارسة أى مشروع تجارى, خاصة لو كان هذا المشروع داخل أماكن سكنية أو حيوية, كما طلبت النيابة العامة سرعة إنتداب لجنة من خبراء حى الأزبكية لتقدير الخسائر.
كما حرصت النيابة العامة على الإطلاع على تقرير مصلحة الأدلة الجنائية, للوقوف عما إذا كان هناك شبهة جنائية أم من عدمه, وجاء تقرير المعمل الجنائى يؤكد عدم وجود أى شبهة جنائية, وعدم وجود خسائر فى الأرواح, وأن الواقعة ككل هى نتيجة ماس كهربائى, نتج عن عدم تحمل إحدى اللافتات العامة الكهربائية للضغط العالى.
بكاء أصحاب المحلات بيوتنا إتخربت وشقا عمرنا راح
كانت صورة محزنة, وأصحاب المحلات وخاصة صاحب محل ملابس وسط البلد, الذى أخذ يصرخ فى هيستريا ويبكى بكاء مرير, بعد أن تحولت البدل الرجالى ومعظمها ماركات عالمية باهظة الثمن إلى رماد وخيوط متهالكة, بعد أن كان المحل يتزين بها وبأفخم البراندات التى كان يقصدها أصحاب الصفوة.
ولم يختلف الأمر لدى صاحب محل الأحذية, الذى كان يقف متصلبآ سارحآ, وكأنه فاقد الوعى من هول المفاجأة وحجم الخراب الذى لحق به وبأسرته فى غفلة من الزمن, فمعظم هذه الأحذية كانت براندات عالمية, حيث كانت البضاعة ككل تقدر بملايين الجنيهات .
حتى الموظفين والعمال وبعضهم قد أصيب بإختنافات خفيفة دون خسائر فى الأرواح بفضل الله, كانوا مذهولين مما حدث, خاصة أن سرعة إمتداد ألسنة الإندلاع كان لحظى وبشكل مباغت, مما أفقد الجميع القدرة على السيطرة أو المواجهة.
إستخدام السلم الهيدروليكى لصعوبة الدخول إلى العقار
استخدام السلم الهيدروليكى للتعامل مع الأزمة . |
وتم التعامل مع الأزمة بهذا الشكل, وبمجرد أن تم الإخماد التام, هرول رجال الحماية المدنية إلى داخل المكان وقاموا بعمليات التبريد, وهى عملية وقائية وضرورية جدآ, يجب القيام بها بمجرد الإخماد فورآ, وذلك حتى لا يتجدد الإندلاع مرة أخرى, فالمقصود بها, هو الـتأكد التام من الإخماد, والتأكد من عدم وجود حرارة أو سخونة قائمة.
بالطبع كان محل ملابس وسط المدينه, قد استغرق التبريد فيه فترة طويلة للغاية, حيث أن الأقمشة والمنسوجات بشكل عام من المواد السريعة والقابلة للإشتعال اللحظى, لذا كانت التعليمات الفورية لرجال الحماية المدنية, هى التبريد البطئ حتى يتم التأكد من عدم تجدد الإندلاع مرة أخرى لقدر الله.
الأسباب الرئيسية لحدوث الواقعة وكيفية الوقاية
بالطبع ومن وجهة نظرنا الشخصية والعملية, فى ضوء خبرتنا الطويلة السابقة, وتشريفنا بالعمل السابق ضابطآ بقطاع الحماية المدنية بوزارة الداخلية, فإنه فضلآ عن التقرير الفنى الصادر من مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية, إلا أن هناك أسباب وعوامل أخرى, ضاعفت من حجم الأزمة, وكانت من الأسباب الجوهرية, التى أدت إلى وقوعها, ويمكن حصرها فى النقاط التالية:
- عدم تطبيق أساليب الوقاية العالمية والتى هى من أساسيات مباشرة أى مشروع تجارى.
- الإهمال فى الصيانة الدورية خاصة لكابلات الكهرباء والأسلاك ومدى تحمل الضغوط العالية.
- عدم تطبيق الأنظمة الألية للتعامل مع الأزمات الفورية مثل الإطفاء الألى وغيرها من الأساليب المتطورة.
- عدم مراعاة أساليب التخزين الأمنة خاصة فيما يتعلق بالمنسوجات والأقمشة وهى مواد سريعة الإشتعال جدا.
- صدور تصريحات سريعة من الجهات الإدارية دون إستيفاء أبسط الإشتراطات اللازمة لصدور هذه التصاريح.
- الإهمال والعشوائية فى التعامل مع مثل هذه الأزمات وعدم وجود وعى كافى لدى أصحاب هذه المشروعات.
- خطورة وجود مثل هذه المشروعات الحساسة فى أماكن سكنية ومزدحمة بالعناصر البشرية.
- عدم وجود إتحاد ملاك مسئول عن متابعة كل الأنشطة الموجودة بالعقار وإن كان موجود فلا قيمة له .
- ضعف الإشراف الإدارى المختص وضعف الرقابة من الجهات المحلية المسئولة.
- إهمال صاحب المنشأة أو العقار فى المتابعة والملاحظة والإرشاد.
بالإضافة إلى تقرير المعمل الجنائى الصادر بصدد هذه الواقعة التى حدثت فى محل ملابس وسط البلد, إلا أن هذه العوامل السابق ذكرها, قد ساهمت بشكل كبير فى الوصل إلى كم هذه الخسائر وتفاقم الأزمة بهذا الشكل المخيف.
الخاتمة
إن ماحدث فى محل ملابس وسط البلد, وما شاهدناه جميعآ فى محل ملابس وسط المدينة, وهذه الخسائر التى تقدر بملايين الجنيهات, وما شاهدناه وعاصرناه منذ أيام قليلة مضت فى طريق مصر إسكندرية الصحراوى, يعد جرس إنذار شديد اللهجة, جرس إنذار من أجل أن نتبع كافة إجراءات الوقاية اللازمة, نعم الوقاية, الوقاية ثم الوقاية ثم الوقاية, فالأمر عن جد خطير, وينذر بوقوع أزمات متكررة شبيهة, إن لم يتم إتخاذ كافة إجراءات الوقاية اللازمة, اللهم إنى قد أبلغت اللهم فاشهد.